كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


تنبيه‏:‏ في قوله أعددت دليل على أن الجنة مخلوقة الآن وقول الطيبي تخصيص البشر لأنهم الذين ينتفعون بما أعد لهم ويهتمون بشأنه بخلاف الملائكة عورض بما زاده ابن مسعود في حديثه الذي رواه ابن أبي حاتم ولا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل‏.‏

- ‏(‏حم ق ت ه عن أبي هريرة‏)‏ وفي الباب أنس وغيره‏.‏

6017 - ‏(‏قال اللّه تعالى إذا هم عبدي بحسنة‏)‏ أي أرادها مصمماً عليها عازماً على فعلها ‏(‏ولم يعملها‏)‏ لأمر عاقه عنها ‏(‏كتبت له حسنة‏)‏ أي كتبت الحسنة التي هم بها ولم يعملها كتابة واحدة لأن الهم سببها وسبب الخير خير فوقع حسنة موقع المصدر ‏(‏فإن عملها كتبتها له عشر حسنات إلى سبع مئة ضعف وإذا هم بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه‏)‏ أي إن تركها خوفاً منه تعالى ومراقبة له بدليل زيادة مسلم إنما تركها من جرائي أي من أجلي وإن تركها لأمر آخر صده عنها فلا ‏(‏فإن عملها كتبتها سيئة واحدة‏)‏ أي كتبت له السيئة كتابة واحدة عملاً بالفضل في جانبي الخير والشر ولم يقل له مؤكداً لها لعدم الاعتناء بها المفاد من الحصر في قوله ‏{‏ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها‏}‏‏.‏

- ‏(‏ق ت عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

6018 - ‏(‏قال اللّه تعالى إذا أحب عبدي لقائي‏)‏ أي الموت وقال ابن الأثير‏:‏ المصير إلى الآخرة وطلب ما عند اللّه وليس المراد الموت لأن كلا يكرهه فمن ترك الدنيا وأبغضها أحب لقاء اللّه ومن آثرها كره لقاءه ‏(‏أحببت لقاء‏)‏ أي أردت له الخير ومن أحب لقاء اللّه أحب التخلص إليه من الدار ذات الشوائب كما قال عليّ كرم اللّه وجهه لا أبالي سقطت على الموت أو سقط الموت عليّ ‏(‏وإذا كره لقائي كرهت لقاءه‏)‏ قال الزمخشري‏:‏ مثل حاله بحال عبد قدم على سيده ‏[‏ص 475‏]‏ بعد عهد طويل وقد اطلع مولاه على ما كان يأتي ويذر فإما أن يلقاه ببشر وترحيب لما رضي من أفعاله أو بضد ذلك لما سخط منها اهـ وقيل لأبي حازم‏:‏ مالنا نكره الموت قال‏:‏ لأنكم أخربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم فكرهتم الانتقال من العمران إلى الخراب ولما احتضر بشر فرح فقيل له‏:‏ أتفرح بالموت قال‏:‏ تجعلون قدومي على خالق أرجوه كمقامي مع مخلوق أخافه‏؟‏‏.‏

تنبيه‏:‏ قال ابن عربي‏:‏ من نعت محب اللّه أنه موصوف بأنه مقتول تالف سائر إليه بأسمائه طيار دائم السهر كامن الغم راغب في الخروج من الدنيا إلى لقاء محبوبه متبرم بصحبة ما يحول بينه وبينه كثير التأوه يستريح إلى كلام محبوبه خائف من ترك الحرمة في إقامة الخدمة يعانق طاعة محبوبه ويجانب مخالفته خارج عن نفسه بالكلية لا يطلب الدية في قتله يصبر على الضراء هائم القلب متداخل الصفات ما له نفس معه ملتذ في دهش لا يقبل حبه الزيادة بإحسان المحبوب ولا النقص بجفائه الناس حظه مخلوع النعوت مجهول الأسماء لا يفرق بين الوصل والهجر مصطلم مجهود مهتوك الستر سره علانية فضحه لا يعلم الكتمان‏.‏

- ‏(‏مالك‏)‏ في الموطأ ‏(‏ن خ عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

6019 - ‏(‏قال اللّه تعالى قسمت الصلاة‏)‏ أي قراءتها بدليل تفسيره بها قاله المنذري يعني الفاتحة سميت بذلك لأنها لا تصح إلا بها كقوله الحج عرفة وقيل من أسماء الفاتحة الصلاة فهي المعينة في الحديث ‏(‏بيني وبين عبدي‏)‏ وقدم تعالى نفسه في البينية فقال أوّلاً بيني لأنه الواجب الوجود لنفسه وإنما استفاد العبد الوجود منه ‏(‏نصفين‏)‏ باعتبار المعنى لا اللفظ لأن نصف الدعاء من قوله ‏{‏وإياك نستعين‏}‏ يزيد على نصف الثناء أو المراد قسمين والنصف قد يراد به أحد قسمي الشيء أي نصف عباده إلى ‏{‏مالك يوم الدين‏}‏ وهو حق الرب ونصف مناله إلى آخرها وهو حق العبد ولا ضمير في زيادة كلمات أحد القسمين على الآخر لأن كل شيء تحته نوعان أحدهما نصف له وإن لم يتحسد عددهما ‏(‏ولعبدي ما سأل‏)‏ أي له السؤال ومني الإعطاء فـ ‏{‏الحمد للّه رب العالمين‏}‏ آية ‏{‏الرحمن الرحيم‏}‏ آية ثانية ‏{‏مالك يوم الدين‏}‏ ثالثة ‏{‏إياك نعبد وإياك نستعين‏}‏ رابعة ‏{‏اهدنا الصراط المستقيم‏}‏ خامسة ‏{‏صراط الذين أنعمت عليهم‏}‏ سادسة ‏{‏غير المغضوب عليهم ولا الضالين‏}‏ سابعة فثلاث آيات للّه تعالى وثلاث للعبد وواحدة بين العبد ومولاه فالتي للّه هي الثلاث الأول وحينئذ ‏(‏فإذا قال العبد الحمد للّه رب العالمين‏)‏ تمسك به من لا يرى البسملة منها لكونه لم يذكرها وأجيب بأن التنصيف يرجع إلى جملة الصلاة لا إلى الفاتحة ‏(‏قال اللّه تعالى حمدني عبدي‏)‏ أي مجدني وأثنى عليّ بما أنا أهله قال ابن عربي‏:‏ ومن هو العبد حتى يقول اللّه سبحانه وتعالى يقول العبد كذا فيقول اللّه كذا لولا العناية الإلهية والتفضل الرباني لما وقع الاشتراك في المناجاة بقوله قال لي وقلت ‏(‏فإذا قال الرحمن الرحيم‏)‏ أي الموصوف بكمال الإنعام ‏(‏قال اللّه أثنى عليّ عبدي‏)‏ لاشتمال اللفظين على الصفات الذاتية والفعلية ‏(‏فإذا قال مالك يوم الدين قال مجدني عبدي‏)‏ عظمني ‏(‏فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل‏)‏ فالذي للعبد منها ‏{‏إياك نعبد‏}‏ أي والذي للّه ‏{‏إياك نستعين‏}‏ ‏(‏فإذا قال اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال هذا لعبدي‏)‏ أي خاص به ‏(‏ولعبدي ما سأل‏)‏ قال الطيبي‏:‏ السورة في هذا التقدير أثلاث وقال في الثلث الأول حمدني وأثنى عليّ فأضافهما إلى نفسه وقال في الثلث الآخر هذا لعبدي ولعبدي ما سأل فخصه بالعبد وفي ‏[‏ص 476‏]‏ الوسط جمع بينهما وقال هذا بيني وبين عبدي قال العارف البوبي‏:‏ وإذا حققت وجدت الآيات كلها للّه تعالى فإنك إنما عبدته بإرادته ومعونته إذ العبد لا حول له ولا قوة ولا إرادة إلا بحوله تعالى وإرادته‏.‏ وقال البخاري في خلق الأعمال‏:‏ قد بين بهذا الحديث أن القراءة غير المقروء فالقراءة هي التلاوة والتلاوة غير المتلو فبين أن سؤال العبد غير ما يعطيه اللّه وأن قول الغير غير كلام الرب هذا من العبد الدعاء والتضرع ومن اللّه الأمر والإجابة فالقرآن كلام الرب والقراءة فعل العبد اهـ وقال ابن عربي‏:‏ فيه أن القراءة في الصلاة لا تجزى إلا بأم القرآن لأنه تعالى بين أنه لا يناجى إلا بكلامه وبالجامع من كلامه والأم هي الجامعة فالحديث القدسي مفسر لما تيسر من القرآن‏.‏

تنبيه‏:‏ قال بعض العارفين‏:‏ من كان في صلاته يشهد الغير معرى عن شهود الحق فيه فليس بمصلّ فلا يكون مناجياً والحق لا يناجى في الصلاة بالألفاظ بل بالحضور فالقائل الحمد للّه بغير حضور مع اللّه لسانه لا عينه فيقول اللّه عند ذلك حمدني لسان عبدي لا عبدي فإن حضر قال حمدني عبدي المفروض عليه مناجاتي فالعبد إذا حضر تضمن اللسان وسائر الجوارح وإذا لم يحضر لم تقم عنه جارحة من جوارحه ولا من غير نفسها اهـ قال القاضي‏:‏ وهذا الحديث يدل على فضل الفاتحة لا وجوبها إلا أن يقال قسمت الصلاة من حيث إنها عامة شاملة لأفراد الصلاة كلها في معنى قولنا كل صلاة مقسومة على هذا الوجه ويلزمه أن كل ما لا يكون مقسوماً هكذا لا يكون صلاة والخالي عن الفاتحة لا يكون مقسوماً على هذا الوجه فلا يكون صلاة‏.‏

- ‏(‏حم م عن أبي هريرة‏)‏ وسبب هذا كما في مسلم أن أبا هريرة حدث عن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تمام فقيل له إنما نكون وراء الإمام فقال اقرأها في نفسك فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول قال اللّه قسمت إلخ قال ابن حجر‏:‏ وليس هو على شرط البخاري فلذلك لم يخرجه لكنه أشار إليه فيه‏.‏

6020 - ‏(‏قال اللّه تعالى يا عبادي‏)‏ جمع عبد وهو لغة الإنسان والمراد هنا بدلالة قوله الآتي إنسكم وجنكم الثقلان خاصة لاختصاص التكليف وتعاقب الفجور والتقوى ولذلك فصل المخاطبين بالإنس والجن فيما يأتي ذكره القاضي قال‏:‏ وقد يكون عامّاً شاملاً لذوي العلم كلهم من الملائكة والثقلين ويكون ذكر الملائكة مطوياً مندرجاً في قوله وجنكم لشمول الاجتنان لهم وتوجه هذا الخطاب نحوهم لا يتوقف على صدور الفجور منهم ولا على إمكانه لأنه كلام صادر على سبيل الفرض والتقدير، واعترضه الطيبي بأنه يمكن أن يكون الخطاب عامّاً ولا تدخل الملائكة في الجن لأن الإضافة في جنكم تقتضي المغايرة فلا يكون تفصيلاً بل إخراج لغير القبيلتين الذين يصح اتصافهما بالتقوى والفجور ‏(‏إني حرّمت‏)‏ أي منعت ‏(‏الظلم على نفسي‏)‏ أي تقدست وتعاليت عنه لأنه مجاوزة والتصرف في ملك الغير وكلاهما في حقي كالمحرم فهو استعارة مصرحة تبعية شبه تنزهه عنه بتحرز المكلف عما نهى عنه شرعاً في الامتناع عنه ثم استعمل في جانب ما كان مستعملاً في جانب المشبه به مبالغة ويحتمل كونه مشاكلة لقوله تعالى‏:‏ وجعلته بينكم محرماً ذكره الطيبي‏.‏ قال العارف ابن عربي‏:‏ من لم يخرج شيئاً في الحقيقة عن ملكه فلا يتصف بالظلم فيما يجريه حكمه في ملكه ثم إنه قدم ذلك تمهيداً وتوطئة لقوله ‏(‏وجعلته محرماً بينكم‏)‏ أي حكمت بتحريمه عليكم وهذا وما قبله توطئة لقوله ‏(‏فلا تظالموا‏)‏ بشد الظاء وتخفف‏.‏ أصله تتظالموا أي لا يظلم بعضكم بعضاً فإنه لا بد من اقتصاصه تعالى للمظلوم من ظالمه ولما قرر حرمة الظلم على النفس وعباده أتبعه بذكر إحسانه إليهم وغناه عنهم وفقرهم إليه فقال ‏(‏يا عبادي‏)‏ كرر النداء تنبيهاً على فخامة الأمور ونسبة الضلال إلى الكل بحسب مراتبهم ‏(‏كلكم ضال‏)‏ أي غافل عن الشرائع قبل إرسال الرسل ‏{‏ووجدك ضالاً فهدى‏}‏ ‏{‏ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان‏}‏ أو ضال عن الحق لو ترك وما

‏[‏ص 477‏]‏ يدعو له الطبع من الراحة وإعمال النظر المؤدّي إلى المعرفة وامتثال الأمر وتجنب النهي ‏(‏إلا من هديته‏)‏ وفقته للإيمان أو للخروج عن مقتضى طبعه ولا يناقضه خبر كل مولود يولد على الفطرة لأن ذلك ضلال طار على الفطرة الأولى ‏(‏فاستهدوني‏)‏ سلوني الهداية بمعنى الدلالة على طريق الخير والإيصال إليها ‏(‏أهدكم‏)‏ أنصب لكم أدلة واضحة على ذلك أو أوصل من شئت إيصاله في سابق علمي الأزلي ‏{‏من يهد اللّه فهو المهتدي‏}‏ وحكمة الطلب إظهار الافتقار والإذعان والاعتراف بمقام الربوبية ورتبة العبودية‏.‏ قال الراغب‏:‏ الضلال العدول عن الطريق المستقيم ويضاده الهداية، ويقال الضلال لكل عدول عن المنهج عمداً أو سهواً قليلاً أو كثيراً، فإن الطريق المستقيم الذي هو المرتقى صعب جداً، ونحن وإن كنا مصيبين من وجه لكنا ضالين من وجوه كثيرة، فإن الاستقامة والصواب يجري مجرى المقرطس من المرمى وما عداه من الجوانب كلها ضلال وإليه أشار المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بقوله‏:‏ استقيموا ولن تحصوا، فإذا كان كذلك صح أن يستعمل لفظ الضلال فيمن يكون له حظاً مّا، ولذلك نسب الضلال إلى الأنبياء وإلى الكفار وإن كان بين الضالين بون بعيد‏.‏ قال في حق المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏ووجدك ضالاً فهدى‏}‏ أي غير مهتد لما سبق لك من النبوّة، وقال موسى ‏{‏وأنا من الضالين‏}‏ تنبيهاً على أن ذلك منه سهو اهـ، ولما فرغ من الامتنان بأمور الدين شرع في الامتنان بأمور الدنيا، وبدأ بما هو أصل فيها ومكمل لمنافعها من الشبع واللبس إذ لا يستغنى عنهما، ومن ثم وصف الجنة بقوله ‏{‏إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى‏}‏ فقال ‏(‏ياعبادي كلكم جائع إلا من أطعمته‏)‏ لأن الخلق ملكه ولا ملك لهم بالحقيقة وخزائن الرزق بيده فمن لا يطعمه بفضله بقي جائعاً بعدله، وأما ‏{‏وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها‏}‏ فهو التزام تفضلاً لا وجوباً ‏(‏فاستطعموني‏)‏ اطلبوا مني الطعام لأنه في يده تعالى وما في يد العبد ليس بحوله وقوته فلا يد له بالحقيقة بل اليد لرب الخليقة ‏(‏أطعمكم‏)‏ أيسر لكم أسباب تحصيله ‏{‏إن اللّه هو الرزاق‏}‏ وهذا تأديب للفقراء، فكأنه قال‏:‏ لا تطلبوا الطعمة من غيري فإن الذين استطعمتموهم أنا الذي أطعمهم‏.‏ قال الطيبي‏:‏ إن قلت ما معنى الاستثناء في قوله إلا من أطعمته، وإلا من كسوته، وليس أحد من الناس محروماً عنهما‏؟‏ قلت لما كان الإطعام والكسوة معبرين عن النفع التامّ والبسط في الرزق وعدمهما عن التقتير والتضييق كما قال تعالى ‏{‏اللّه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر‏}‏ سهل التقصي عن الجواب فظهر منه أنه ليس المراد من إثبات الجوع والعري في المستثنى منه نفي الشبع والكسوة بالكلية، وليس في المستثنى إثبات الشبع والكسوة مطلقاً بل المراد بسطهما وتكثيرهما ‏(‏يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم‏)‏ واسألوا اللّه من فضله فإنه لا حول ولا قوة إلا به ولا استمساك إلا بسببه، قال عيسى‏:‏ ابن آدم أنت أسوأ بربك ظناً حين كنت أكمل عقلاً لأنك تركت الحرص حين كنت جنيناً محمولاً ورضيعاً مكفولاً ثم أدرعته عاقلاً قد أصبت رشدك وبلغت أشدك ‏(‏يا عبادي إنكم تخطئون‏)‏ بضم أوله وكسر ثالثه أي تفعلون الخطيئة عمداً وبفتح أوله وثالثه من خطأ يخطىء إذا فعل عن قصد ‏(‏بالليل والنهار‏)‏ هذا من قبيل المقابلة لاستحالة وقوع الخطأ من كل منهم ليلاً ونهاراً ‏(‏وأنا أغفر الذنوب جميعاً‏)‏ غير الشرك وما لا يشاء مغفرته ‏{‏إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء‏}‏ وأكد بأل الاستغراقية وجميعاً المفيد كل منهما للعموم ليقوى الرجاء ولا يقنط أحد ‏(‏فاستغفروني أغفر لكم‏)‏ ‏{‏وإني لغفار لمن تاب‏}‏ ووطأ بعد الفاء بما قبلها إيذاناً بأن غير المعصوم لا ينفك غالباً عن المعصية وفي هذه الجمل توبيخ يستحي منه كل مؤمن لأنه إذا لمح أنه

‏[‏ص 478‏]‏ خلق الليل ليطاع فيه سراً استحياء أن ينفق أوقاته في ذلك إلا فيه كما أنه استحى بطبعه من صرف شيء من النهار حيث يراه الخلق للمعصية ‏(‏يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني‏)‏ بحذف نون الإعراب جواباً عن النفي أي لن تبلغوا لعجزكم إلى مضرتي ولا يستقيم ولا يصح أن تضروني حتى أتضرر منكم ‏(‏ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني‏)‏ أي لا يتعلق بي ضرر ولا نفع فتضروني أو تنفعوني لأنه تعالى غني مطلق والعبد فقير مطلق والفقير المطلق لا يملك للغني المطلق ضراً ولا نفعاً فما اقتضاه ظاهر الخبر أن لضره أو نفعه غاية لكي لا يبلغها العبد غير المراد ‏(‏يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم‏)‏ أي على تقوى أتقى قلب رجل أو على أتقى أحوال قلب رجل واحد منكم ذكره القاضي قال الطيبي‏:‏ ولا بد منه ليستقيم أن يقع أتقى خبراً لكان ثم إنه لم يرد أن كلهم بمنزلة رجل واحد هو أتقى من الناس بل كل واحد من الجمع بمنزلته لأن هذا أبلغ كقولك ركبوا فرسهم وعليه قوله تعالى ‏{‏ختم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم‏}‏ في وجه ثم إضافة أفعل إلى نكرة مفردة يدل على أنك لو تقصيت قلب رجل رجل بل كل الخلائق لم تجد أتقى قلباً من هذا الرجل اهـ‏.‏ ‏(‏ما زاد ذلك في ملكي شيئاً‏)‏ نكره للتحقير ‏(‏يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً‏)‏ لأنه مرتبط بقدرته وإرادته وهما باقيتان ذاتيتان لا انقطاع لهما فكذا ما ارتبط بهما وعائد التقوى والفجور على فاعلهما قال الطيبي‏:‏ قوله شيئاً يجوز كونه مفعولاً إن قلنا أن نقص متعد ومفعولاً مطلقاً إن قلنا إنه لازم أي نقص نقصاناً قليلاً والتنكير فيه للتحقير ‏(‏يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد‏)‏ أي في أرض واحدة ومقام واحد ‏(‏فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي‏)‏ لأن أمري بين الكاف والنون قال القاضي‏:‏ قيد السؤال بالاجتماع في مقام واحد لأن تزاحم السؤال مما يذهل المسؤول ويبهته ويعسر عليه إنجاح مآربهم والإسعاف بمطالبهم ‏(‏إلا كما ينقص المخيط‏)‏ بكسر فسكون ففتح الإبرة ‏(‏إذا أدخل البحر‏)‏ لأن النقص إنما يدخل المحدود الفاني واللّه سبحانه واسع الفضل عظيم النوال لا ينقص العطاء خزائنه فخاطب العباد من حيث يعقلون وضرب لهم المثل بما هو غاية القلة ونهاية ما يشاهدونه فإن البحر من أعظم المرئيات والإبرة صغيرة صقيلة لا يعلق بها شيء وإن فرض لكنه لا يظهر حساً ولا يعتد به عقلاً فلذا شبه بها ‏(‏يا عبادي إنما هي أعمالكم‏)‏ أي هي جزاء أعمالكم ‏(‏أحصيها‏)‏ أضبطها وأحفظها ‏(‏لكم‏)‏ أي بعلمي وملائكتي الحفظة ‏(‏ثم أوفيكم إياها‏)‏ أي أعطيكم جزاءها وافياً تاماً إن خيراً فخير وإن شراً فشر والتوفية إعطاء الحق على التمام ذكره القاضي وقال المظهر‏:‏ أعمالكم تفسير لضمير المؤنث في قوله إنما هي يعني إنما تحصى أعمالكم أي تعد وتكتب أعمالكم من الخير والشر توفية لجزاء عمل أحدكم على التمام وقال الطيبي‏:‏ ويمكن أن يرجع إلى ما يفهم من قوله أتقى قلب رجل وأفجر قلب رجل وهما الأعمال الصالحة والطالحة ويشهد لفظ إنما لاستدعائها الحصر أي ليس نفعها وضرها راجعاً إليّ بل أحصيها لكم لأجازيكم بها فمن وجد خيراً فليشكر اللّه لأنه هو هادي الضلال موفقهم للخير ومن وجد شراً فليلم نفسه لأنه باق على ضلالته الذي أشار إليه بقوله كلكم ضال اهـ‏.‏ والتوفية إعطاء الحق على التمام قال ابن عربي‏:‏ ولهذا يعود التنزيه على المنزه فمن كان علمه التنزيه عاد عليه تنزيهه فكان محاه منزهاً

‏[‏ص 479‏]‏ عن أن يقوم به اعتقاد ما لا ينبغي أن يكون الحق عليه ومن هنا قال من قال سبحاني تعظيماً لجلال اللّه إلى هنا كلامه ‏(‏فمن وجد خيراً‏)‏ ثواباً ونعيماً بأن وفق لأسبابهما أو حياة طيبة هنيئة ‏(‏فليحمد اللّه‏)‏ على توفيقه للطاعات التي يترتب عليها ذلك الخير والثواب فضلاً منه ورحمة ‏(‏ومن وجد غير ذلك‏)‏ أي شراً ولم يذكره بلفظه تعليماً لخلقه كيفية أدب النطق بالكناية عما يؤذي أو يستهجن أو يستحى منه أو إشارة إلى أنه إذا اجتنب لفظه فكيف فعله ‏(‏فلا يلوم إلا نفسه‏)‏ فإنها آثرت شهواتها على رضى رزاقها فكفرت لأنعمه ولم تذعن لأحكامه وحكمه فاستحقت أن يقابلها بمظهر عدله وأن يحرمها مزايا جوده وفضله قال ابن عطاء اللّه‏:‏ لا تطالب ربك بتأخر مطلبك ولكن طالب نفسك بتأخر أدبك وفي الحديث إيماء إلى ذم ابن آدم وقلة إنصافه فإنه يحسب طاعته من عمله لنفسه ولا يسندها إلى التوفيق ويتبرأ من معاصيه ويسندها إلى الأقدار فإن كان لا تصرف له كما يزعم فهلا كان في الأمرين وإلا فلم نفاه عن أحدهما وختم بهذه إيذاناً بأن عدم الاستقلال بنحو الإطعام والستر لا ينافي التكليف بالفعل والترك لأنا وإن لم نستقل نحس بوجدان الفرق بين حركة الاختيار والاضطرار وهذا الحديث لجلالته وعظم فوائده كان راويه عن أبي ذر أبو إدريس إذا حدث به جثا على ركبتيه تعظيماً له‏.‏

تنبيه‏:‏ قال القونوي‏:‏ الحق سبحانه جواد مطلق فياض على الدوام سابغ الإنعام دون بخل ولا التماس عوض ولا تخصيص طائفة بعينها تخصيصاً يوهم منعاً وتحجيراً على آخرين والخلائق كلهم يقبلون من عطاياه الذاتية والأسمائية بقدر استعداداتهم الكلية الغير المجعولة التي بها قبلوا منه الوجود أو لا حال ارتسامهم في علمه تقدس ويقبلون من عطائه باستعداداتهم التفصيلية الوجودية المجعولة بحسب طهارتهم الظاهرة والباطنة الوجودية وإنما قلنا الوجودية لأن الطهارة المختصة بالاستعداد الكلي الموجب قبول الوجود من الحق القبول التمام عبارة عن سلامة حقيقة القابل من أكثر أحكام الإمكان وقوة مناسبة تلك الحقيقة للحضرة الوحدانية الإلهية التي منها ينبسط على جميع القوابل الممكنة وهي الطهارة الأصلية وكما أن قلة الوسائط وأحكام الكثرة الإمكانية توجب الطهارة وثبوت المناسبة مع الحضرة الوحدانية الإلهية فيستلزم قبول العطايا الإلهية على وجه تام فكذلك كثرة الأحكام الإمكانية وقوتها وخواص إمكانات الوسائط التي هي النجاسات المعنوية يوجب نقص القبول وتغيير الفيض المقدس فإذا وضح هذا فنقول وفور الحظوظ من عطاياه سبحانه الذاتية والأسمائية ونقصانها راجع إلى كمال استعدادات القوابل ونقصها وكمال استعداد كل قابل ونقصه هو المعبر عنه بالطهارة والنجاسة عند أهل الطريق وذلك هو المشار إليه بقوله في هذا الحديث فمن وجد خيراً فليحمد اللّه إلخ ويؤيده ‏{‏ما أصابك من حسنة فمن اللّه‏}‏ الآية‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الأدب ‏(‏عن أبي ذر‏)‏ وأخرجه عنه أيضاً أحمد والترمذي وابن ماجه ورواته دمشقيون قال أحمد‏:‏ ليس لأهل الشام حديث أشرف منه‏.‏

6021 - ‏(‏قال تعالى إذا ابتليت عبداً من عبادي مؤمناً فحمدني وصبر على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا ويقول الرب للحفظة إني أنا قيدت عبدي وابتليته فأجروا له ما كنتم تجرون له قبل ذلك من الأجر وهو صحيح‏)‏ قال الغزالي‏:‏ إنما نال العبد هذه المرتبة لأن كل مؤمن يقدر على الصبر على المحارم وأما الصبر على البلاء فلا يقدر عليه إلا ببضاعة الصديقين فإن ذلك شديد على النفس فلما قاسى مرارة الصبر جوزي بها الجزاء الأوفى اهـ‏.‏ وفيه ترغيب في الصبر وتحذير من الشكوى لكن ليس من الشكوى قول المريض إني وجع أو وارأساه ‏[‏ص 480‏]‏ إذا اشتد به الوجع ونحو ذلك وقد ترجم البخاري باب ما رخص للمريض أن يقول إني وجع قال الطبري‏:‏ وقد اختلف في ذلك والتحقيق أن الألم لا يقدر أحد على دفعه والنفوس مجبولة على وجدان ذلك فلا يستطاع تغييرها عما جبلت وإنما كلف العبد أن لا يقع منه حال المرض أو المصيبة ما له سبيل إلى تركه كالمبالغة في التأوّه ومزيد الجزع والضجر وأما مجرد الشكوى فلا‏.‏

- ‏(‏حم ع طب حل عن شداد بن أويس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ خرجه الكل من رواية إسماعيل بن عياش عن راشد الصنعاني وهو ضعيف عن غير الشاميين اهـ‏.‏ ولم يبال المصنف بذلك فرمز لحسنه‏.‏

6022 - ‏(‏قال اللّه تعالى يا ابن آدم إنك ما ذكرتني شكرتني وإذا ما نسيتني كفرتني‏)‏ أي كفرت إنعامي عليك وإفضالي لديك وما الثانية مزيدة للتأكيد قيل مكتوب في التوراة عبدي اذكرني إذا غضبت أذكرك إذا غضبت فإذا ظلمت فاصبر فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك وحرك يدك أفتح لك باب الرزق‏.‏

- ‏(‏طس عن أبي هريرة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه أبو بكر الهمداني وهو ضعيف انتهى‏.‏ وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال‏:‏ لا يصح‏.‏

6023 - ‏(‏قال اللّه تعالى أنفق‏)‏ على عباد اللّه وهو بفتح فسكون فكسر أمر بالاتفاق ‏(‏أنفق عليك‏)‏ بضم فسكون جواب الأمر أي أعطيك خلفه بل أكثر منه أضعافاً مضاعفة ‏{‏وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه‏}‏ قال الطيبي‏:‏ هذا مشاكلة لأن إنفاق اللّه لا ينقص من خزائنه شيئاً وهذا ظاهر لأنه إذا أنفق ظهر بصورة الفقر والعبودية والسخاء فاستحق نظر الحق إليه من جهة فقره الذي لا بد من جبره ومن جهة مقابلة وصفه بوصف ربه وظهور معاني أسمائه فكأنه قال لعبده عند إنفاقه أتتسخى عليّ وأنا خلقت السخاء‏؟‏ وقد امتثل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أمر ربه فكان أكثر الناس إنفاقاً وأتمهم جوداً‏.‏

- ‏(‏حم ق عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

6024 - ‏(‏قال اللّه تعالى يؤذيني ابن آدم‏)‏ أي يقول في حقي ما أكرهه وزعم أن المراد يخاطبني بما يؤذي من يمكن في حقه التأذي تكلف قال الطيبي‏:‏ والإيذاء إيصال مكروه إلى الغير وإن لم يؤثر فيه وإيذاؤه تعالى عبارة عن فعل ما لا يرضاه ‏(‏يسب الدهر‏)‏ يروى بحرف الجر وبياء المضارع والدهر اسم لمدة العالم من مبدأ تكوينه إلى انقراضه ويعبر به عن مدة طويلة ‏(‏وأنا الدهر‏)‏ أي مقلبه ومدبره فأقيم المضاف مقام المضاف إليه أو بتأويل الدهر على أن يكون مصدراً أي المصرف المدبر لما يحدث ولهذا عقبه بقوله ‏(‏بيدي الأمر أقلب الليل والنهار‏)‏ أي أجددهما وأبليهما وأذهب بالملوك كما في رواية أحمد والمعنى أنا فاعل ما يضاف إلى الدهر من الحوادث فإذا سب الآدمي الدهر يعتقد أنه فاعل ذلك فقد سبني ذكره الراغب‏.‏ وقال القاضي‏:‏ من عادة الناس إسناد الحوادث والنوازل إلى الأيام والأعوام وسبها لا من حيث إنها أيام وأعوام بل من حيث إنها أسباب تلك النوائب موصلتها إليهم على زعمهم فهم في الحقيقة ذموا فاعلها وعبروا عنه بالدهر في سبهم وهو بمعنى قوله أنا الدهر لا أن حقيقته حقيقة الدهر ولإزاحة هذا الوهم الزائغ أردفه بقوله ‏(‏أقلب الليل والنهار‏)‏ فإن مقلب الشيء ومغيره لا يكون نفسه وقيل فيه إضمار والتقدير وأنا مقلب الدهر والمتصرف فيه والمعنى أن الزمان يذعن لأمري لا اختيار له فمن ذمّه على ما يظهر فيه صادراً عني فقد ذمني فأنا الضار والنافع والدهر ظرف لا أثر له ويعضده نصب الدهر على أنه ظرف متعلق بأقلب والجملة خبر المبتدأ ‏[‏ص 481‏]‏ انتهى كلامه قال المنذري‏:‏ الجمهور على ضم الراء إلى هنا كلام المنذري‏.‏

- ‏(‏حم ق د عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً النسائي في التفسير وكأن المصنف أغفله سهواً‏.‏

6025 - ‏(‏قال اللّه تعالى يؤذيني ابن آدم‏)‏ بأن بنسب إليّ ما لا يليق بجلالي ‏(‏يقول يا خيبة الدهر‏)‏ بفتح الخاء المعجمة أي يقول ذلك إذا أصابه مكروه ‏(‏فلا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فإذا شئت قبضتهما‏)‏ فإذا سبّ ابن آدم الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور عاد سبه إليَّ لأني فاعلها وإنما الدهر زمان جعلته ظرفاً لمواقع الأمور‏.‏

- ‏(‏م عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

6026 - ‏(‏قال اللّه تعالى سبقت‏)‏ وفي رواية البخاري غلبت ‏(‏رحمتي‏)‏ أي غلبت آثار رحمتي على آثار ‏(‏غضبي‏)‏ والمراد بيان سعة الرحمة وشمولها ووصولها للخلائق قبل الغضب لكونها مقتضى ذاته دونه وإلا فهما من صفاته راجعتان لإرادته الثواب والعقاب لا توصف إحداهما بالسبق والغلبة على الأخرى فهو إشارة إلى مزيد العناية بعبيده والإنعام عليهم بغايات الفضل ونهاية الرفق والمسامحة وإلى أن مقام الفضل أوسع من مقام العدل والمراد من الغضب لازمه وهو إرادة إيصال العذاب إلى من يقع عليه الغضب لأن السبق والغلبة باعتبار التعلق أي تعلق الرحمة غالب سابق على تعلق الغضب لأن الرحمة مقتضى ذانه الأقدس والغضب يتوقف على سابقة عمل من العبد الحادث وقال الدماميني‏:‏ الغضب إرادة العقاب والرحمة إرادة الثواب والصفات لا توصف بغلبة ولا يسبق بعضها بعضاً لكن ورد هذا على الاستعارة ولا مانع من جعل الرحمة والغضب من صفات الفعل لا الذات فالرحمة هي الثواب والإحسان والغضب الانتقام والعذاب فتكون الغلبة على بابها‏.‏